المقدمة

 

- بسم الله الرحمن الرحيم -

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى. والصلاة والسلام على سيدنا محمد أكرم البشر المبعوث إلى الأسود والأحمر كما يناسب بعلو شأنه ويحرى، وعلى خلفائه الراشدين المهديين وذريته الطيبين الطاهرين وسائر أصحابه المرضيين كما يليق بمراتبهم العظمى ودرجاتهم العليا.

أما بعد، فيقول العبد الفقير إلى رحمة الله الواحد الصمد خادم علماء أهل السنة أحمد بن عبد الأحد العمري الفاروقي نسبا والسهرندي مولدا ووطنا والحنفي مذهبا:

 

وصلت إلى هذا الفقير قليل البضاعة في هذا الوقت رسالة كتبها الشيعة عند محاصرة عبد الله خان أوزبك المشهد إلى علماء ما وراء النهر في جواب ما كتبوا من تكفير الشيعة وإباحة دمائهم وأموالهم. وكان حاصل تلك الرسالة المزخرفة بعد طي مقدمات يغتر بها السفهاء تكفير الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم وذم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وكان بعض طلبة العلم من الشيعة المترددين إلى هذه البلاد يتباهون ويفتخرون بتلك المغالطات ويشيعونها في مجالس الأمراء والسلاطين. وهذا الفقير وإن كان يردها بالدلائل العقلية والنقلية مشافهة في المجالس والمعارك ويطلع الناس على مزلاتهم الصريحة، لكن حمية الإسلام والعرق الفاروقي مني لم يكفيا بهذا القدر من الرد والإلزام وغليل صدري لم يذهب بما ذكر من الكبت والإفحام. فتقرر في خاطري أن إظهار مفاسدهم وإبطال مقاصدهم لا يفيد فائدة تامة ولا ينفع منفعة عامة حتى يقيد بالكتابة ويجعل في حيز التحرير. فشرعت في رد مقاصدهم الفاسدة وعقائدهم الكاسدة التي أوردوها في تلك الرسالة. وها أنا افيض في المقصود مستعينا بالله الصمد الودود وهو يصون عما يشين وهو المولى والمعين وبه التوفيق ومن عنده التحقيق.

اعلموا أحسن الله إرشادكم أن الشيعة يزعمون أن الإمام الحق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي رضي الله عنه، إما بنص جلي أو خفي، وأن الإمامة لا تخرج منه ومن أولاده إلا بتقية منهم أو بظلم من غيرهم. وهم على كثرة طرقهم وتعدد أصنافهم يجمعهم ثنتان وعشرون فرقة يكفر بعضهم بعضا ويشنع كل واحدة على الأخرى؛ وكفى الله المؤمنين القتال. وبين متأخريهم ومتقدميهم وبين قدمائهم وأقدميهم تفاوت عظيم في البعد عن الحق والقرب منه، لكن جميع فرقهم لفرط تعصبهم وعنادهم يستحقون اللعن والتكفير، إذ أزكى الاعمال وأفضل الطاعات عندهم سب السلف والطعن في الخلفاء الثلاثة بل تكفيرهم. وتحقيق هذه المسألة سيجيء عن قريب، {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين}. (1)

 

ونحن قبل الشروع في المقصود نذكر فرقا منهم نطلعكم على مقاصدهم لتعلموا فضائح هؤلاء الضلال وشنايعهم بأتم وجه. فنقول:

1 - منهم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، زعم أن عليا رضي الله عنه إله فنفاه سيدنا علي رضي الله عنه إلى المدائن وزعم أيضا أن ابن ملجم لم يقتل عليا بل قتل شيطانا تمثل بصورته وعلي في السحاب والرعد صوته والبرق سوطه؛ وهم يقولون عند استماع صوت الرعد: عليك السلام يا أمير المؤمنين.

__________

البقرة: 16 (1)

 

رسالة كتبها الشيعة عند محاصرة عبد الله خان أوزبك المشهد

 

 

- بسم الله الرحمن الرحيم -

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى. والصلاة والسلام على سيدنا محمد أكرم البشر المبعوث إلى الأسود والأحمر كما يناسب بعلو شأنه ويحرى، وعلى خلفائه الراشدين المهديين وذريته الطيبين الطاهرين وسائر أصحابه المرضيين كما يليق بمراتبهم العظمى ودرجاتهم العليا.

أما بعد، فيقول العبد الفقير إلى رحمة الله الواحد الصمد خادم علماء أهل السنة أحمد بن عبد الأحد العمري الفاروقي نسبا والسهرندي مولدا ووطنا والحنفي مذهبا:

 

وصلت إلى هذا الفقير قليل البضاعة في هذا الوقت رسالة كتبها الشيعة عند محاصرة عبد الله خان أوزبك المشهد إلى علماء ما وراء النهر في جواب ما كتبوا من تكفير الشيعة وإباحة دمائهم وأموالهم. وكان حاصل تلك الرسالة المزخرفة بعد طي مقدمات يغتر بها السفهاء تكفير الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم وذم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وكان بعض طلبة العلم من الشيعة المترددين إلى هذه البلاد يتباهون ويفتخرون بتلك المغالطات ويشيعونها في مجالس الأمراء والسلاطين. وهذا الفقير وإن كان يردها بالدلائل العقلية والنقلية مشافهة في المجالس والمعارك ويطلع الناس على مزلاتهم الصريحة، لكن حمية الإسلام والعرق الفاروقي مني لم يكفيا بهذا القدر من الرد والإلزام وغليل صدري لم يذهب بما ذكر من الكبت والإفحام. فتقرر في خاطري أن إظهار مفاسدهم وإبطال مقاصدهم لا يفيد فائدة تامة ولا ينفع منفعة عامة حتى يقيد بالكتابة ويجعل في حيز التحرير. فشرعت في رد مقاصدهم الفاسدة وعقائدهم الكاسدة التي أوردوها في تلك الرسالة. وها أنا افيض في المقصود مستعينا بالله الصمد الودود وهو يصون عما يشين وهو المولى والمعين وبه التوفيق ومن عنده التحقيق.

اعلموا أحسن الله إرشادكم أن الشيعة يزعمون أن الإمام الحق بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي رضي الله عنه، إما بنص جلي أو خفي، وأن الإمامة لا تخرج منه ومن أولاده إلا بتقية منهم أو بظلم من غيرهم. وهم على كثرة طرقهم وتعدد أصنافهم يجمعهم ثنتان وعشرون فرقة يكفر بعضهم بعضا ويشنع كل واحدة على الأخرى؛ وكفى الله المؤمنين القتال. وبين متأخريهم ومتقدميهم وبين قدمائهم وأقدميهم تفاوت عظيم في البعد عن الحق والقرب منه، لكن جميع فرقهم لفرط تعصبهم وعنادهم يستحقون اللعن والتكفير، إذ أزكى الاعمال وأفضل الطاعات عندهم سب السلف والطعن في الخلفاء الثلاثة بل تكفيرهم. وتحقيق هذه المسألة سيجيء عن قريب، {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين}. (1)

 

ونحن قبل الشروع في المقصود نذكر فرقا منهم نطلعكم على مقاصدهم لتعلموا فضائح هؤلاء الضلال وشنايعهم بأتم وجه. فنقول:

1 - منهم السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، زعم أن عليا رضي الله عنه إله فنفاه سيدنا علي رضي الله عنه إلى المدائن وزعم أيضا أن ابن ملجم لم يقتل عليا بل قتل شيطانا تمثل بصورته وعلي في السحاب والرعد صوته والبرق سوطه؛ وهم يقولون عند استماع صوت الرعد: عليك السلام يا أمير المؤمنين.

__________

البقرة: 16 (1)

 

قال علماء ما وراء النهر شكر الله سعيهم: قد اشتهر بل تواتر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوقر الخلفاء الثلاثة ويقدمهم في الأمور على غيرهم ويدنيهم

 

 

14 - ومنهم الإمامية يقولون بالنص الجلي على إمامة علي رضي الله عنه ويكفرون الصحابة رضي الله عنهم. واتفقوا على الأئمة المنصوص عليهم إلى جعفر الصادق رضي الله عنه ثم اختلفوا من بعده. والمشهور المختار عند جمهورهم أن الإمام بعده موسى بن جعفر الكاظم رضي الله عنه ثم علي بن موسى الرضا رضي الله عنه ثم محمد بن علي التقي رضي الله عنه ثم علي بن محمد العسكري رضي الله عنه ثم حسن بن علي الزكي رضي الله عنه ثم محمد بن الحسن وهو القائم المنتظر. وكان أوائلهم على مذهب أئمتهم وأما متأخروهم فمنهم من مال إلى المعتزلة ومنهم من مال إلى المشبهة.

وهذا آخر بيان فرقهم الضالة المضلة. وإنما لم نذكر باقي الفرق لأنهم موافقون بالمذكورين إلا في اشياء يسيرة وكل من له أدنى دراية وتميز واطلع على مطالبهم فإنه يحكم لا محالة بفساد مذهبهم بأدنى النظر وإن لم يرجع إلى الأدلة. وماذا أشنع من أنهم ينسبون أنفسهم إلى أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعون متابعتهم وموالاتهم، وأولئك الأخيار يتبرؤن عن هذه المحبة المفرطة ولا يقبلون منهم متابعتهم. إنما محبة هؤلاء الضلال كمحبة النصارى بعيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام: أفرطوا في محبته حتى عبدوه وهو بريء منهم.

 

وأخرج أحمد عن علي رضي الله عنه أنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فيك مثل من عيسى عليه السلام أبغضته اليهود حتى بهتوا امه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمترلة التي ليست له" ثم قال: يهلك في رجلان محب مفرط يفرطني بما ليس في ومبغض يحمله شنأني على أن يبهتني. وقوله سبحانه: {إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا} (1) يبين حال الرفضة ومآل أمرهم {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}. (2)

 

قال علماء ما وراء النهر شكر الله سعيهم: قد اشتهر بل تواتر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوقر الخلفاء الثلاثة ويقدمهم في الأمور على غيرهم ويدنيهم؛ وصحت في فضائلهم ومناقبهم أحاديث لا تعد ولا تحصى. وجميع أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله بأمر الله تعالى ووحيه لقوله عز من قائل: {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحيٌ يوحى} (3) والشيعة في طعنهم وذمهم يخالفون الوحي ومخالفة الوحي كفر.

__________

(1) البقرة: 166

(2) آل عمران: 8

(3) النجم: 3 - 4

 

قال علماء ما وراء النهر رحمهم الله: إن الخلفاء الثلاثة قد شرفهم الله تعالى برضوانه

 

 

أقول: لما تدينت الشيعة لشدة تعصبهم وعنادهم لطعن السلف وسب الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم لم يبالوا بقدح الأحاديث الصحيحة الواردة في مناقبهم ولا بتحريف الروايات والتصرف فيها من عند أنفسهم حتى أنهم قالوا في قوله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} (1) ما قالوا واعتقدوا أن عثمان رضي الله عنه كتم من القرآن ما نزل في فضائل أهل البيت. وقد ذكرنا سابقا أن منهم طائفة تجوز شهادة الزور لموافقهم على مخالفهم، فإذا كان كذلك ارتفع الأمن من أحاديثهم ورواياتهم ولم يبق تعريج على جرحهم وتضعيفهم وصارت الأحاديث التي يروونها عن أئمة أهل البيت بمترلة التوراة والانجيل حيث حرفهما اليهود والنصارى .

ومناقب الخلفاء الثلاثة موجودة في صحيح البخاري الذي هو اصح كتاب بعد كتاب الله وفي صحيح مسلم وغيرهما. والذي ظنوه ذما وتخيلوه جرحا ليس كما ظنوا، إنما ظنهم ذلك بمترلة وجدان الصفراوي السكر مرا.

وأما الذي ذكروه من إن بعض أهل السنة جوزوا وضع الحديث فإنما يرفع الأمان عن حديثهم إذا لم يرد المحققون من أهل السنة كلام ذلك البعض ولم ينكروا عليهم. والأمر ليس كذلك بل جهابذة أهل الحديث بينوا الأحاديث الموضوعة وأنكروا على واضعها. وحينئذ لا يعود إليهم شيء ولا يلتبس الحق الواضح بالباطل.

وأجابت الشيعة ثالثا بأن مخالفة خبر الواحد ليس بكفر إذ ليس واحد من علمائكم المجتهدين إلا قد خالف بعض أخبار الآحاد.

أقول: لا يخفى أن الأحاديث الواردة في فضائل الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم وإن كانت من جهة ألفاظها أحادية لكنها لتعدد طرقها وكثرة رواتها متواترة بالمعنى. ولا شك أن إنكار مدلول مثل هذه الأخبار كفر، ولم يخالف أحد من المجتهدين مثلها. بل الإمام أبو حنيفة رحمة الله عليه الذي هو رئيس أهل السنة يقدم خبر الواحد مطلقا، بل أقوال الصحابة أيضا على القياس.

وأجابت الشيعة رابعا بعد التسليم بأن توقير النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقديمه الخلفاء الثلاثة كان قبل مخالفتهم ونكثهم البيعة فلا يدل شيء من ذلك على حسن خاتمتهم وسلامة عاقبتهم لأن العقوبة قبل صدور العصيان وإن كان معلوما لا تليق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. ولهذا أخبر علي رضي الله عنه بما يفعله ابن الملجم ولم يعاقبه.

أقول: لا يخفى أن الأحاديث الواردة في فضائلهم ناصة على حسن خاتمتهم وسلامة عاقبتهم كالأحاديث التي رويناها سابقا. وكما أن عقوبة العاصي قبل صدور العصيان وإن كان معلوما ليست بمحمودة فكذلك مدح من علم سوء خاتمته والإبرام في ذكر فضائله والتناهي في توقيره وتقديمه غير محمود. ولهذا قلنا إن هذه الأمور دالة على حسن حالهم حالا ومآلا. وعلي رضي الله عنه كما لم يعاقب ابن الملجم على ما يفعله فكذلك لم يمدحه بل بين ما يدل على سوء حاله في المآل.

 

قال علماء ما وراء النهر رحمهم الله: إن الخلفاء الثلاثة قد شرفهم الله تعالى برضوانه بقوله: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} (2) فيكون سبهم كفرا.

__________

(1) القيامة: 17

(2) الفتح: 18

 

قال علماء ما وراء النهر: قد سمى الله تعالى الصديق صاحبا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه لا يكون قابلا للعن

 

 

قال شارح التجريد: وكيف يزعم من له أدنى مسكة أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أنهم بذلوا مهجهم وذخائرهم وقتلوا أقاربهم وعشائرهم في نصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإقامة شريعته وانقياد أمره واتباع طريقته أنهم خالفوه قبل أن يدفنوه مع وجود هذه النصوص القطعية الظاهرة الدالة على المراد؟ بل ههنا أمارات وروايات ربما يفيد باجتماعها القطع بعدم أمثال تلك النصوص وهي مما لم يثبت ممن يوثق به من المحدثين مع شدة محبتهم لأمير المؤمنين ونقلهم الأحاديث الكثيرة في مناقبه وكمالاته في أمر الدين والدنيا. ولم ينقل في خطبه ورسائله ومفاخراته ومخاصماته وعند تأخره عن البيعة وجعل عمر الخلافة شورى بين ستة نفر ودخل علي في الشورى وقال عباس لعلي: امدد يدك ابايعك حتى يقول الناس هذا عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بايع ابن عمه فلا يختلف عليك اثنان، فقال: لا تنازع أبا بكر وددت أني سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الأمر فيمن هو وكنا لا ننازعه. وحاج معاوية ببيعة الناس له لا بنص من النبي - صلى الله عليه وسلم -. والظاهر أن النهي عن إيذاء فاطمة رضي الله عنها ليس على عمومه حتى يتناول أي إيذاء بأي وجه كان لأنها قد تأذت عن علي رضي الله عنهما في بعض الأوقات كما جاء في الأخبار. وأيضا قال النبي لبعض أزواجه: «لا تؤذيني في عائشة فإن الوحي لا يأتيني وأنا في ثوب أمرأة إلا عائشة» فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إيذاء عائشة إيذاء نفسه. ولا شك أنها تأذت من علي رضي الله عنه. وحينئذ نقول: الإيذاء المنهي عنه إنما هو الناشئ عن هوى النفس ووسوسة الشيطان، وأما الذي يحصل عن إظهار امر الحق على وفق القرآن والسنة فليس بممنوع ولا منهي عنه. ومعلوم أن سبب تأذي فاطمة من الصديق رضي الله عنهما منعه فدك عنها، وكان متمسكا في ذلك بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث ما تركناه صدقة» ولم يكن لهواه، فلا يكون داخلا في الوعيد. فإن قال قائل: لما كان الصديق رضي الله عنه متمسكا بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فما وجه غضب فاطمة رضي الله عنها وتأذيها إذ يرجع حينئذ الأمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله؟ قلنا: هذا الغضب والتأذي لم يكن بالاختيار ولا داخلا تحت القدرة ولا يتعلق النهي بأمثال ذلك ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

قال علماء ما وراء النهر: قد سمى الله تعالى الصديق صاحبا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه لا يكون قابلا للعن.

وأجابت الشيعة بأن المصاحبة قد تقع بين المسلم والكافر ويكون أحدهما صاحبا للآخر. قال الله تعالى: {قال له صاحبه وهو يحاوره} (1) وقال يوسف: {يا صاحبي السجن} فسماهما صاحبيه وهما كافران، فمجرد الصحبة لا يكون دليلا على حسن العاقبة.

__________

(1) الكهف: 34